‏إظهار الرسائل ذات التسميات رفضيات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات رفضيات. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 27 أكتوبر 2019

الحراك المحاصر

ها نحن في اليوم الثاني عشر من الثورة ( يمكن ان نسميه حراكاً او انتفاضة  - المهم المضمون) وفي اثنا عشر يوماً مررنا بكثير من التحولات كأنها سنوات تمر. 
ما حفزني على كتابة هذه التدوينة هو التأريخ لمحاولات حصار هذا الحرك الشعبي وقطفه.  بالاضافة الى بروز هجوم من مؤيدي الممانعة على الحراك الشعبي مترافقاً مع اتهام بالعمالة وتلقي التمويل من السفارات و من جمعيات اميركية. 
أولاً، نحب أن نذكر ان هذا الحراك هو حراك مطلبي اساساً ، انطلق من نقمة شعبية على سياسات اقتصادية متوالية منذ ثلاثين عاماً وهو حراك استهدف كل الطبقة السياسية الحاكمة. وكان جمهور حزب الله الذي يعاني كغيره من جماهر ألاحزاب مشاركاُ في الحراك في الايام الاولى مع قطع طرقات في الضاحية وطريق المطار وحارة الناعمة وغيرها... ماذا حصل كي ينسحب جمهور الحزب. 
الذي حصل ان القوات اللبنانية حاولت ركوب الموجة بعد استقالة وزرائها، وان كانت هذه المحاولة فاشلة فانها قد دفعت ببعض الشعارات الى الظهور مثل اضافة "نصر الله واحد منن" الى شعار "كلن يعني كلن" بالاضافة الى الشعارالشاتم لجبران باسيل. أما سامي الجميل، سليل عائلة المشايخ و النواب والوزراء والرؤساء فقد بات ثورجياً في آخر هذا الزمن. 
الاجابة الأولى هي للقوات والكتائب كأحزاب كان منذ البداية "اطلعوا من الخندق"، فأنتم جزء من هذه الطبقة السياسية التي يثور عليها الشعب، انتم مكدسين للأموال ومشاركين في الفساد. 
ثانياً، أدى دخول القوات الى استنفار العونيين بما بين الاثنين من عداوة تاريخية لتصوير الحراك كأنه قوتجي حصراً وكأن أبناء صور وبعلبك وطرابلس قواتيين. وكان هناك تشويه ممنهج للحراك من قبل العونيين. 

 وكان اول من اطلق اتهامات بالتمويل من جورج  سوروس وهو ملياردير اميركي من اصل هنغاري يهودي هو الملحن البذيء سمير صفير. 
ثالثاً، لم يكن خطابا السيد حسن نصرالله الا ليزيدا الطين بلة خاصة أنهما ترافقا مع اعتداءات من جمهور الثنائي الشيعي على متظاهرين من صور الى النبطية وصولاً الى رياض الصلح. على اثر الخطاب وطلب السيد من جمهور الحزب الانسحاب بدأ هجوم ممنهج من قبل صحفيين وجمهور المقاومة على الحراك، بلغ ذروته اليوم مع اتهامات بتمويل من سفارات ومن جمعية "اوتبور" . 
في الرد على هذه الاتهامات أولاً لا يزال الكثير من مؤيدي المقاومة متواجدين في الشوارع ، أما الانسحاب السياسي فهو خطأ تكتيكي سيتيح للأحزاب الأخرى استغلال الموقف. 
ثانياً في ظل تعقيد المشهد اللبناني، أيمكن ان ننفي ان الحراك سيكون معرض لتدخل جهات سواء فضلو خوري وجامعته الاميركية او غيرهم لالقاء خطابات واطلاق شعارات ضد حزب الله. ومن قال اننا نوافق على دخولهم الفج. ومن قال اننا نوافق على دخول القوات والكتائب كأحزاب ومن قال اننا نوافق على بعض مظاهر الحراك من الشتائم الى سهرات السمر في بعض الساحات. ومن قال اننا نوافق على الاستغلال الاعلامي من قبل بعض المحطات للحراك. ولكن كل هؤلاء هم جزء من المشهد اللبناني الذي يدرك حزب الله وغيره صعوبة التعامل معه فكيف الحال بحراك هو حتى الآن من دون قيادة موحدة. 
ثالثاً في الاتهامات الموجهة للحراك بما فيها من اجحاف، هل من حاجة الى أن نذكر من هو الحزب الشيوعي اللبناني وتاريخه في المقاومة (هل يتيح العداء للحراك الاعتداء على أمهات شهداء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية من قبل بعض الزعران)، هل من حاجة للتذكير بان نائب الشعب أسامة سعد مشارك في الحراك أيضاً الناصري أبن معروف سعد، هل من حاجة للتذكير من هو شربل نحاس ومن غدر به سوى العونيين لأنه رفض سياسات الحريري الاقتصادية في الحكومة. هل من حاجة للتذكير بأن جمهور بعلبك وصيدا وصور والنبطية هو محتضن المقاومة تاريخياً. انسيتم كل الشعارات التي اطلقها هؤلاء واعتصاماتهم امام مصرف لبنان من اجل جملة شعارات من مجموعات قليلة. الشعارات ضد رياض سلامة . و سمير جعجع صهيوني مثالاً. لم تروا حين هتفت طرابلس لجورج ابراهيم عبدالله.
حين تتهمون هؤلاء لا تنسوا مع من انتم متحالفين: 
مع جبران باسيل الذي صرح على قناة الميادين انه لا يعترض لا على السلام و لا على التطبيع
مع زياد اسود الذي دافع عن الفاخوري معذب الأسرى المقاومين في سجن الخيام ( هل بات طبيعياً ان تتهجم مواقع مؤيدة للحزب على الاسير انور ياسين)
هل جوزف ابو فاضل الاسلاموفوبي و حبيب يونس القيادي في حراس الارز هما من اعمدة الممانعة. 
كفى هذه السياسات الملتوية، هل نذكركم أنكم في آخر انتخابات 2016، جمهور المقاومة انتخب في بيروت عن المقعد الانجيلي القس ادغار طرابلسي (أيضاً من قياديي حراس الارز) وتم ازاحة مرشح الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد عن هذا المقعد.
اما في خص دعم وليد فارس، مستشار ترامب اليميني القواتي فهو مردود له. ولكن فارس هذا كان هو من قدم الدعم للجنرال عون في فترة قرار ال 1559 وليس حنا غريب. 
على سيرة حنا غريب، الم تتكتل كل قوى السلطة لاسقاطه نقابياً. لقد تحالفتم نقابياً مع القوات والعونيين والمستقبل والاشتراكيين، وكنتم معهم في كل الحكومات ولم يكن هذا الشعب الموجود في الحراك في الحكومة. 
فلنقفل دفاتر التاريخ لاننا في بلد صغير وكلنا نعرف بعضنا البعض.  
اتمنى انكم من أجل مآرب سياسية لن تكونوا مستعدين للتضحية بالحريصين على المقاومة عقائدياً من اجل حفنة من الانتهازيين ومتسلقي المناصب المتقلبين. 
نتمنى للحراك أن يستمر بعيداً عن فضلو خوري و سمير جعجع وسامي الجميل ووليد فارس ولكن ايضاً بعيداً عن الهراوات والتخوين، حتى اسقاط النظام الطائفي و الاقتصادي القائم على النهب. 

الأحد، 4 فبراير 2018

زياد الدويري: مرافعة عن اليمين اللبناني


قررت اخيراً ان اشاهد فيلم زياد دويري بعد الضجة الكبيرة التي أثارها في لبنان و بعد قراءتي أكثر من نقد للفيلم في الصحف الفرنسية كان آخرها في صحيفة " Le Journal Du Dimanche" والتي يعلن فيها دويري ان الفيلم بني على حادثة حصلت معه حين كان يروي شتلة له في بيروت فتسرب الماء الى عابر في الشارع تبين أنه فلسطيني، فحصلت مشادة انتهت باستعمال دويري جملته الشهيرة:  "يا ريتو شارون بادكون كلكون" ثم اعتذر من بعدها.
يبدأ الفيلم بخطابات سمير جعجع في مشهد ممثل وخطابات بشير الجميل التي تستمر طوال الفيلم بما تتضمنه من فاشية ويرافقها دوماً تبني الخطاب من قبل عادل كرم. وحين تقع الحادثة المذكورة أعلاه يطالب عادل كرم رغم أنه مخطأ "الغريب" الفلسطيني بالاعتذار منه وحين يأتي الممثل الفلسطيني كامل الباشا ليعتذر ويقول له كرم جملته الشهيرة التي تعد "الاهانة" (وهو اسم الفيلم بالفرنسية)، لم يتحملها الفلسطيني حيث يضرب كرم  ويكسر أضلاعه. على اثرها، يرفع عادل كرم دعوى على الباشا لحماية حقه في بلده من الغريب الذي في دفاعه لا يذكرالجملة المهينة التي سببت الحادثة.  ثم تتطور الأمور حيث يتدخل أحد المحامين (كميل سلامة) الذي دافع سابقاً عن سمير جعجع أثناء سجنه ليتولى قضية عادل كرم بوجه ابنته (ديامان بو عبود) التي تأخذ جانب الباشا. ويتطور الأمر ليصبح قضية رأي عام ويكاد يثير فتنة بين المسيحيين والفلسطينيين. ورغم اعلان جعجع (رفعت طربيه) طي صفحة الحرب في مقابلة مع وليد عبود (يظهر في الفيلم. لم يكن ينقص غير مارسيل غانم) ورغم تدخل رئيس الجمهورية (انطوان مهنا) للوساطة بين كرم والباشا حفظاً للاستقرار، يتهم كرم الرئيس بالتواطئ مع الفلسطينيين.

الخلاصة الرئيسية التي يمكن أن نستنتجها من الفيلم هي أن هناك قضايا أخرى مهمة وليس ضرورياً ان تحظى القضية الفلسطينية بالأولوية، فالمسيحيين اللبنانيين لديهم قضية وهم مظلومين أيضاً وربما غيرهم أيضاً (يذكر المحامي الأرمن والأكراد و المثليين والسنافر... ) وكفى الفلسطينيين اصطناع دور الضحية (خاصة أنهم مدعومون من الامم المتحدة و منظمات المجتمع المدني على لسان كرم ومحاميه: هل يريدنا دويري أن نصدق كم هذه الاكاذيب). كثيرة هي الجمل التي تحتاج الى تحليل نفسي بالمناسبة. خاصة ان الخطاب الفاشي التبسيطي كان طاغياً.
الخلاصة اعلاه تؤكدها صمت الممثل الفلسطيني معظم الوقت واعلاء صوت عادل كرم ومحاميه. كأنه يقول، اكتفينا من خطاب المظلومية الفلسطينية والآن الصوت للأخرين. حتى انه يستقدم جندي أردني مقعد بسبب ضرب الباشا له على اثر احداث أيلول الاسود ليبشرنا بخطاب النظام الاردني عن التخريببين الفلسطينيين الذين طردوا الى لبنان ليتابعوا تخريبهم. وهي خلاصة نتأكد منها أكثر حين نكتشف أن عادل كرم من قرية الدامور، وهو هارب من مجزرة في الدامور ارتكبتها القوى الفلسطينية والحركة الوطنية، (من دون اي ذكر انها حصلت رداً على مجازر الكرنتينا على ما اذكر ولا لمجزرة تل الزعتر التي حصلت فيما بعد ولا لعشرات المجازر الفاشية بحق لبنانيين وفلسطينيين). هو تغييب تام لوجهة النظر المضادة، باستثناء بعض الكلمات الواردة في دفاع بو عبود عن الباشا وهي كانت تتطرق الى دفاع شخصي أكثر من دفاع سياسي فيما كانت مجمل مرافعات سلامة مشحونة بخطاب اليمين اللبناني.

ينتهي الفيلم باعلان براءة الفلسطيني (هل هضم حقوق المسيحي مرة أخرى) ويتصالح عادل كرم مع نفسه فيعود الى بساتين موز الدامور بعد ان هجرها اثناء الحرب.
لا شك أن الفيلم بما يحمله من خطاب تبسيطي وتسخيفي أحياناً وبتبنيه وجهة نظر منحازة يحتاج الى تحليل معمق ولكنني لم أستطع الا ان اشارك هذه الملاحظات الاولية، خاصة حين نعلم أن  وزارة الثقافة تبنت ترشيح هذا الفيلم ليمثل لبنان في جوائز الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي (لحسن الحظ انه لم يفز) . اذا كان هدف الدويري المصالحة فالاكيد انها لا تكون هكذا. المريب في الامر لماذا سمح عرض هذا الفيلم رغم نكأه بجراح الحرب وهي حجة اعتمدت لمنع افلام شبيهة (فيلم شو صار لديغول عيد عن مجزرة ارتكبها القوميون بحق الكتائب في عدبل – عكار او سمعان في الضيعة لسيمون الهبر والذي يتطرق الى حرب الجبل بين الاشتراكيين والقوات).
بعد هذا الفيلم ندرك ان استسهال دويري زيارة اسرائيل هو موضوع له أسسه فالرجل الذي صرع رأسنا بتأكيده انه من عائلة بعثية وقومية عربية ورضع الحليب الفلسطيني فان كل هذه المبررات لا تفيد خاصة في ظل احتدام الصراع مع ترامب حول قضية القدس. طبعاً من حق دويري ان يتبنى الخطاب الذي يريد. ومن حقنا ان ننتقده ونواجهه بافلام وافكار مضادة لاثبات التزييف التاريخي الكبير الذي يعتري عمله. وربما لولا النظام التوافقي الطائفي اللبناني، اقل ما كان يمكن ان يقوم به حزب الله وكل احزاب المقاومة هو مواجهة هذا العمل بعمل مضاد، دفاعاً عن دماء آلاف الشهداء الذين ماتوا من أجل فلسطين وعلى دربها ومن أجل مواجهة المشروع الفاشي الفيديرالي ولكن أحزاب السلطة مشغولة بتناحر طائفي و زعاماتي في حرب نعيشها كل يوم.
"فلتتوضح كل المواقف.. ولتتحدد كل المواقع.. ولتكن المجابهة في الضوء .كيف يمكن للثقافة أن يكون لها موقع الهامش في معركة التغيير الثوري ضد الفاشية والطائفية؟ كيف يمكن للمثقف أن يستقيل من نضال ينتصر للديمقراطية ... هو أوكسيجين الفكر والأدب والفن؟. بوضوح أقول : فالوضوح هو الحقيقة ، من لا ينتصر للديمقراطية ضد الفاشية، للحرية ضد الإرهاب، للعقل والحب والخيال وللجمال ضد العدمية وكل ظلامية في لبنان الحرب الأهلية وفي كل بلد من عالمنا العربي وعلى امتداد أرض الإنسان ، من لا ينتصر للثورة في كل ان ، مثقف مزيف وثقافته مخادعة مرائية. إذا تكلم على الثورة في شعره أو نثره .. فعلى الثورة بالمجرد يتكلم من خارج كل زمان ومكان.. لا عليها في حركة التاريخ الفعلية وشروطها الملموسة! وإذ يعلن في نرجسية حمقاء أنه يريدها... فبيضاء لا تهدم ولا تغير!! تبقي القائم بنظامه .. وتحن إليه إذا تزلزل أو احتضر كثيرون هم الذين في لبنان يحنون إلى لبنان ما قبل الحرب الأهلية ويريدون التغيير لعودة إلى الماضي ويريدونه ايقافآ لانهيارات الزمان... أما الاتي فمن الغيب.. إلى الغيب . إنه موقف المنهزم لا بصراع.. بل بتسليم واستكانة. إنه موقف من يصنع ( بضم الياء ) التاريخ بدونه وله في التاريخ موقع ترفضه الثقافة ، إذ الثقافة في تعريفها مقاومة. فإذا ساوت بين القاتل والقتيل انهزمت في عدميتها فانتصر القاتل وكانت في صمتها شريكته" - مهدي عامل

احسان المصري



الاثنين، 1 مايو 2017

للعمال ولنا ذكريات من دفاتر مظفر النواب

للعمال ولنا ذكريات من دفاتر مظفر النواب
" أنا انتمي للجموع التي رفعت قهرها هرماً
وأقامت ملاعب صور وبصري
وأضاءت بروج السماء بأبراج بابل
أنا انتمي للجياع ومن سيقاتل
أنا انتمي للفدائي ..
وللقرمطية كل انتمائي
وللماركسيين شرط الثبات مع الفقراء"
كان مفيداً ان يتذكر الانسان بين الفينة والأخرى جذوره وانتمائه. فمهما تبدلت الظروف وتقلب الزمان نعود الى موئلنا الاول. نحاول احياناً ان نخاتل الحياة . نتذاكى. فتعيدنا هي الى أرضنا الاولى. وانا من هؤلاء الذين مهما ابتعدوا يعودون. فللقرمطية وللماركسيين كل انتمائي وللعمال الذين تربيت بينهم للفقراء الذين نعايدهم في هذا الجو الماطر من حولنا والعابق بالالم ونتابع مع كبيرنا مظفر النواب.



"فيا أخوة في السلاح خذوا حذركم
فوراء الحياطين ثم حوار بغيض
تحيد فيه الفقر تمام الحياد
هو العالم من فئتين
هنا الفقراء على جوعهم واقفين
وخلف قلاع الخزائن يجتمع الاحتكار وأزلامه
ويمارس بعض الزنا بالسلاح
فمال بفن وعهر بفن"
في هذا الجو العابق بالالم يجدر بنا ان نتذكر ايضاً ان العالم من فئتين الفقراء والاحتكار. في فرنسا اليوم الطبقة العاملة امام مواجهة مريرة مع ازلام الاحتكار و النازيين الجدد. فنقول خذوا حذركم. وفي العالم العربي يحيد الفقر امام حروب دينية وامام المال والفن العاهر والاستهلاك المورد الينا من اميركا المحكومة من مجنون يقصف في سوريا والعراق ما صنعته بلاده.
"ومسحة حزن بلادي العظيمة
بالرغم مما تجنت ومما شردتني
كأنك أنت هنا ما تغير شيء
فنفس الجياع ونفس الفئات التي طاردتني
ونفس الدموع ونفس النساء ونفس الغلابة"
ومن المهم ان نتذكر دائماً انه حيثما حللنا سواء في بلادنا او اذا تشردنا او تهجرنا وبعضنا يموت في البحر ان لم يمت في بلاده وبعضنا يموت في الغربة من العنصرية ولكننا نموت دوماً من الفقر. والكثيرون منا يموتون جوعاً ما بالك باليمن والصومال.  هم نفس الجياع. ونفس الفئات تطاردنا ونفس الدموع نذرفها. هم نفس الجياع اينما كانوا. جوع أممي.
"وجدت بغاء الأزقة في البرج جوعاً
وحرت بمن يقفون صفوفا على الجوع
جوع سيأكل جوعاً"
جوع سيأكل جوعاً . جياع طائفيين او متدينين او عصريين سيأكلون بعضهم. فخذوا حذركم .
"فلا بد في لغة الطبقات الفقيرة قسراً
حلمت بأن الجموع سترفع بيرقها العربي
على ذمم الكادحين
وليس ببيرقها العربي
على خوذة العسكرية والأغنياء"
ولكننا نحلم بأن في بلادنا سنرفع الجموع يوماً ما بيرقها العربي.
"وتمطر ... تمطر ... تمطر ... تمطر ...
في الحدس تمطر ... تمطر ... تمطر ... تمطر ... تمطر
بعد رحيل العدو يكون المطر"
ولجياع آخرين هم اسرانا في فلسطين تحية ونقول. بعد رحيل العدو يكون المطر.... ستمطر...



الخميس، 11 فبراير 2016

جردة حساب ثلاثينية

بعد ثلاثين عاماً،
تأكدت كما يقول الرفيق سارتر،
ان الآخرون هم الجحيم،
لذا لا زلت اعيش وحيداً
واعتقد،
في حال بقائي ثلاثين اخرى،
وهو ما لا أتمناه،
على هذه الارض الموحشة، المقرفة،
اعتقد اني سأظل وحيداً.
بعد ثلاثين عاماً،
تصبح الكآبة رفيقاً وفياً،
وتنضم الى رفوف من الكتب الاصدقاء،
وآلات موسيقية صديقة.

بعد ثلاثين عاماً،
لا اطمح في ان اصبح اينشتاين،
ولكني اكيد اني أتفوق على الكثيرين
في حل معادلات شرودينغر،
مع ان هذا لا يهم أحداً.
بعد ثلاثين عاماً،
لا اطمح ان أعزف في قصر الاوبرا
 بل في غرفتي بهدوء،
ولا اطمح في اصدار ديوان شعر
ودعوة المتزلفين لأوقع لهم،
بل في نشر قصائد تافهة على مدونة تافهة،
حين استشيط غضباً،
كي لا تعتمل في داخلي الامراض العصبية.
بعد ثلاثين عاماً،
لا زلت جباناً،
اهرب الى الأمام من كل ما يزعجني،
ولكن لا ضير،
المهم ان أنام هنيئاً.
بعد ثلاثين عاماً
تأكدت ان لا أمحض ثقتي
الا لمن يستحقها
اي لا احد تقريباً
بعد ثلاثين عاماً،
لا أطمح في الزواج،
وخاصة بحفل زواج شرقي صاخب،
بكفيني ما راكمت من عقد نفسية،
جذرتها في تلك البلاد الهرمة،
لست بحاجة الى فتاة شرقية،
ليزيد التعقيد تعقيداً.
لا لست ذكورياً،
ولا اكره النساء تحديداً،
انا اكره الجنس البشري بأكمله،
مع بعض الاستثناءات
لذا أستمع الى موسيقى الميتال.
كمانيفستو كراهية.
بعد ثلاثين عاما،
لا أدعي بطولات وهمية.
أعمل ثم أنام وهكذا دواليك،
واعشق كثيرا الموسيقى،
وعلم النفس،
وروايات ساراماغو،
وشعر الماغوط،
وما بينهم اقرأ جريدتي اليومية.
بعد ثلاثين عاما،
بت أكره الكثيرين والكثيرات،
أكره البغايا حين يتعففن،
أكره الجميلات المخادعات واطردهن من خيالاتي،
أكره المنافقين والانتهازيين،
واكره الاصدقاء حين ينسون،
اكره السمجين والمدعين،
واكره المتعلقين بالحياة.
بعد ثلاثين عاما.
وقد ازداد يقيني من عبثية الحياة،
ازددت كفراً.
بعد ثلاثين عاماً،
ازداد جذرية وهدوءاً في نفس الوقت
ازداد تناقضاً ديالكتيكياً
بعد ثلاثين عاماً ،
نادراً ما احببت،
ونادراً ما كنت سعيداً،
لكن لا بأس  
لن يعجب هذا انسان وخاصة امرأة،
ولكن بعد ثلاثين عاماً،
من يكترث.
خاصة اني لم اعرض يوماً بضاعة للبيع،
فأنا اكره الراسمالية.

لذا لا زلت شيوعياً.
لذلك أمشي في شوارع مدينتي،
وأضحك ساخراً من كمية الحماقة الطاغية،
كأي مناضل بلشفي حسب الرفيق لينين،
يميزه السخرية والصبر.
بعد ثلاثين عاماً.  

الجمعة، 9 يناير 2015

Charlie Hebdo: Victim of the contradictions


Charlie Hebdo, the name kept resonating in my head for a while after the issue of the Danish cartoons and the riot that spread in the Arab and Muslim countries after the case (including Lebanon).
It was back in 2013, on my way back to Lebanon from France that I bought as one of the souvenirs a copy of Charlie Hebdo. I was fascinated by the audacity of the caricatures and I laughed at the same time for the satirical photos depicting either religious or political figures. The magazine is a leftist magazine who criticizes religious behaviors, right wing parties … that was enough for me.  
Probably, Charlie Hebdo is sold in some big libraries in Beirut however it never reaches the public and I can confirm that some issues never reach Lebanon especially those that insult God, Religion (Either Christian or Muslim) or those that include sexual content, this is due to the censorship in Lebanon supported by religious authorities. In fact, there is a charge in Lebanon that criminalizes any abuse to the divine self. This is in the so-said only democracy in the Arab world.



In fact, the Lebanese system based on “consensual democracy” between the sects was a result of the cooperation between the French occupation and the francophone Lebanese elite (mainly Christian). Even, Lebanon the country that we know it today was a result of this cooperation along with the Sykes–Picot Agreement between the English and French colonial powers that divided natural Syria (Bilad-El-Sham) between UK and France and gave Palestine to the Zionist movement.
This Lebanese system (as imagined by one of the founders of the Lebanese ideology: Michel Chiha) is a hybrid system that was the root of the Lebanese civil war (1975-1990), along with many smaller civil wars (1958, 2008, … ) .it is a generator of wars and problems due to its sectarian basis. By creating the system, France thought to keep a base for its interests in the Middle East after leaving Lebanon & Syria.
The situation for France in Lebanon, was much easier than in Syria where the refusal of the occupation was wider and intense through the great Syrian revolution launched by the Syrian Druze Leader Sultan Basha AlAtrash (1925) and much easier than in the Arabian “Maghreb” : Morocco, Tunisia and Algeria. For example, Algeria was occupied by France for 130 years, many revolutions erupted against France starting from Abdel Kader until the revolution in 1954 and lasted until Algeria’s independence in 1962 causing a “one million Algerian martyr”.
The Algerian revolution, happened in a period where the Arab Nationalist movement was reaching its peak with the presence of Abdul Nasser as a symbol in Egypt and the whole Arab world, along with the Palestinian revolution, the Yemen war, the rise of National-Leftist regimes in many countries.  
In this period you could read a book criticizing the religious ideologies by Sadik Galal Adhm or analyzing Coran by Muhammad Arakon or Nasr Hamed Abou Zeid. Some extremist leftist organizations like DFLP were writing revolutionary slogans on the walls of the mosques in Jordan (Before Black September 1970)… there was signals of Liberation and unity in all the Arab world.
Those events were not in the best interests of the western countries: USA as an emerging imperialist power or UK and France as past colonial powers, along with the Zionist entity. Noting that the Arab progressive regimes and parties were allied with the URSS. Thus, the western powers used their tools in the Arab world in the gulf regimes with mainly the Saudi Wahhabi Salafi regime along with the Muslim brotherhood (mainly in Egypt) to fight this phenomenon.
The fight that started in Afghanistan against the communist regime there backed by URSS, was the result of the cooperation between USA, Pakistan, KSA and the Jihadi groups led by Abdallah Azzam first and by Ben Lade after it which planted the seeds of “Al-Qaida” and “Taliban”.
After the fall of the URSS and the end of Afghanistan war, the returning so-called “Mujahidin” or “Arab-Afghan” ignited civil wars in many Arab countries (Algeria and Egypt for example in the 90s).
However, the creation of this extremist Islamic monster culminated with the 9-11 attacks which gave a reason for the US to occupy Afghanistan and then Iraq, helping to deteriorate the Iraqi state and “Lebanonising” it.
The situation will get even more dangerous after the “Arab Spring” that started in Tunisia and Egypt. The people ambition’s to toggle the dictatorship was transformed into a nightmare by western powers like NATO and Arab reactionary regimes backing the Salafist powers. And causing the creation of many failed states in Iraq, Libya and Syria.
The emergence of ISIS (Islamic State in Iraq and Syria (Sham)) known as “Daesh” in Arabic signalized a red alarm for the west. Although Daesh, is funded and supported by KSA, Qatar, Turkey gathering many opposition Syrian Islamist groups along with Salafi brigades from all around the world. Daesh continue to commit its crimes against minorities (Kurds, Yezedis, Christians, Shiites, Druze, Ismaelite, Alawite and even Sunnis who do not abide by its rules of Sharia) in Iraq and Syria (Extending to Lebanon also). The western powers who helped the creation of this monster to toggle the secular dictatorship of Al-Assad, is cooperating now with the Syrian regime to bomb Daesh.
But this monster is not easy to fight. And it seems that it is willing to extend its terror far behind Syria and Iraq. The massacre of Charlie Hebdo is only a sign.
However after all that many questions will be asked that I don’t have answers for: who will profit from this massacre except the Fascism everywhere (either the Fascist Islamism as Daesh, the Fascist Zionist entity and the Fascist parties in Europe from Le pen in France to Svoboda in Ukraine passing through Germany)? How can we avoid such racism and extremism? What is the root of the problem? Is it in Islam? Maybe? Is it in all kind of religion? Probably? Is it in all the Arabic culture? What is the fault of Arab immigrants in France and Europe in all of this? What will be their destiny? What will be the reaction of the European societies...
Many questions will rise however in this moment we cannot do anything other than expressing our solidarity with the victims of the above contradicting history.
The martyrs of Charlie Hebdo will be added to a list of victims in the Arab world killed by extremists from thinkers like Hussein Mroueh and Mahdi Amel in Lebanon to Farag Fouda in Egypt, to thousands of people killed by those terrorists from Algeria to Syria and from Iraq to Libya.
However the fight will continue against every extremism and racism from Europe to the Arab world. I summarize by the words of Charb:
« Je n’ai pas peur de représailles, je n’ai pas peur de gosses, pas de femmes, pas de voiture, pas de crédit. ca fait surement un peu pompeux, mais je préfère mourir debout que vivre à genoux. »


Ihsan El Masri 

الخميس، 20 فبراير 2014

القيء و آلام أخرى

كان مشهداً واحداً في في فيلمAnti-Christ  للمخرج الدانماركي لارس فون تراير كفيلاً بان يجعلني اشعر بدوار واتجه مباشرة الى الحمام. تقيأت.
وفجأة عادت ذكريات القيء. هذا الصديق الذي رافقني لفترات طويلة. فآلام المعدة المزمنة التي تتفاعل حين تضطرب اعصاب المعدة كانت محرضاً للتقيؤ المستمر.
كنا نجلس في مطعم جنوب-افريقي في الخرطوم. الاكل المكسيكي الحار و حرارة الخرطوم الجافة مساءً واعصابي تضطرب لوجودي مع اشخاص غير مناسبين كالعادة. تركت السندويش من يدي واتجهت الى الحمام. تقيأت.
الطعام الحار وخاصة الهندي احبه. ظللت آكل "التيكا ماسالا" حتى اتيت بيروت مصاباً ب"البواسير". ولم ارتح الا بعملية. دم يقطر من مؤخرتي وانا اركض في فردان حتى اصل الى الشقة.
كنا نحضر حفل "مشروع ليلى" في جبيل مع مجموعة من الاصدقاء. لم اكن مرتاحاً نفسياً. شربت كأس تيكيلا واحد  في حانة في سوق جبيل الاثري فذهبت الى وراء احدى السيارات وتقيأت.
ليلة رأس السنة كنت اقضيها وحيداً. اشاهد التلفاز. قلت اشرب القليل من الويسكي مع اني لا احبها. تقيأت.
قال لي صديقي السوداني: خذ جرب الساعوط (تبغ شبيه بالقات اليمني). لم يكن جسمي معتاداً النيكوتين. ما ان وضعته تحت لساني حتى شعرت بدوار. كان يقود السيارة . قلت له: "قف جانبا". تقيأت.
قلت لها مراراً تصريحاً وتلميحاً: احبك. قالت انا لا احبك. تقيأت.
شربنا الكثير من الفودكا يومها. كنا خمسة اصدقاء. شربنا حتى ثملنا ودخنا سيجار الكوهيبا. ضحكت كثيراً. وحين اضحك كثيراً تتحرك آلام المعدة مع الخمر. تقيأت.



كنا خمسة من بقي بعد ان تركنا الباقون. اصبح لديهم اموال وسيارات فيما استمرينا على فقرنا وغباءنا. كان احدهم صديقاً عزيزاً نسهر معه يومياً لنمارس السخرية اليومية.افترق عنا والتحق ب"بوطة" اخرى. مر بسيارته يوماً :
-         "تفضل استاذ احسان، افلا تسهر معنا؟"
-         "علي ان ادرس". 
رفضت عرضه بطريقتي المعتادة. اختراع حجج للتهرب من صخب السهرات ومن المنافقين. لست افهم ماذا يفعلون في سهرات الصخب. من يسمع من في النهاية.
هي عادة مزمنة اخرى. كره السهرات الصاخبة. كنت في بداية الشباب حين ذهبت مع اترابي الى كذا سهرة حاولت ان اندمج في هذا المجتمع المنافق غصباً عني. لم استطع. ذهبت مرة الى سهرة ديسكو اقامها الشيوعيين آنذاك. كنت في بداية المراهقة. لم استطع البقاء. كنت قد دفعت 10$ (كانت تحكي) رسم دخول على ان آكل قطعة من ال"غاتو". لم استطع ان ابقى. تركت الحفل قبل ان يقطعوا قالب الحلوى.  بعدها حاولت مرات كثيرة. اذهب مع ال"بوطة". احاول ان احرك جثتي الهامدة. لا احب الرقص. هذا فضلاً عن ان اعز اصدقائي لم يكن يحب الرقص. لم يكن له هدف في الحياة سوى السخرية. فيسخر منا دائماً. تركنا الرقص. وتركنا السهرات. وبتنا نعيش السخرية. اعشق السخرية.
على سيرة ال 10$ التي كانت ربما مصروف شهري آنذاك. اقتصد فيها. اذكر اني كنت اسير من مستديرة الصالومي الى مستديرة الحايك مررت بسناك لم يكن لدي الاموال الكافية لاكل سندويش فعدت خائباً الى القرية.
حاولت العمل في شركة احصائيات. درت في قرية رأس المتن من اولها الى آخرها ولم يعطوني سوى 20$. في احد المطاعم في بحمدون قال لي النادل : انت خرج مكاتب مش خرج مطاعم فعدت خائباً.
لم اكن احب القيادة ايضاً. المحاولات دائماً ما تبوء بالفشل. كنت مهجوساً. غداً مفروض علي ان اقود السيارة من قلب الخرطوم الى احدى الضواحي. فادرس الطريق ولكن كل هذا لم ينفع.
صوت ارتطام السيارة بدولاب الشاحنة الكبيرة لا يزال هنا. كاد صديقاي يموتان لولا حسن الحظ. تابعنا يومنا في المخفر. كنت كالغريب في رواية كامو انتظر المحقق. مشهد في قمة العبثية. جلسنا خارجاً نشرب الكركدي من عند ست الشاي.
ثم لست ادري كيف بدأت اقود في لبنان. تجرأت ونزلت بالسيارة الى بيروت. ولكن الكوميديا السوداء حين لا تجد موقفاً او لا تعرف كيف تركن او تقف عند جسر الدورة لعطل ما او ان يتصل بك احدهم في السابعة صباحاً "تعا زيح سيارتك. صافف على باب الورشة " .  
ثم كان مشهد سيارتي تتزحلق وتدور دورتين ثم ترتطم بحائط الاوتوستراد كافياً للقرار. لم اعتزل ولكنني ابتعدت. فالغباء في القيادة يضاف اليها شح النظر والاموال المهدورة على شيء لا تستفيد منه كافية لاخذ قرار كهذا.
لم احب الكثير من الاشياء. لا احب المجتمع. حقد تجذر على النفاق والدجل. ثم تمرست اكثر في الحقد عند دراسة طبيعة هذا المجتمع البطريركي. هشام شرابي يفسر الكبت ومنه ننتقل الى مدرسة فرانكفورت. كبت جنسي. كبت يدفع الشباب الى حلول بشعة كارتياد المواخير في حال توفرت النقود ولكن حين لا تتوفر النقود نستورد البورنو من الغرب. كبت يحتاج الى تفريغ. وفي قمة العبثية ان تضاجع احداهن فيما ذهنك معلق مع عزيز يقبع في المستشفى في حالة صحية خطرة. صلة غرائبية دائماً بين الجنس والموت.
كبت عاطفي ايضاً. لا احب عامة. هو نقص في العاطفة. قلة العلاقات العاطفية مع النساء من جهة وحتى العاطفة العائلية قليلاً ما تظهر.  صدمات عاطفية تجعلك تتراجع. يظهر الجبن. هذا الجبن وضعف الشخصية عائد الى الطفولة ربما. والدي ضربني فقط مرتين او ثلاث ربما. كانت كافية ايضاً لتثبيت الجبن. ثم تاتي الصدمات العاطفية لتزيد الجبن جبناً.
حين اتيت لاقول لها احبك وقبل ان اقول كانت تقول لي انها تعرفت على شاب تبين لاحقاً انه معتوه. سحقاً. ما الذي اعجبك فيه. ولكن لحسن الحظ اني اكتشفت لاحقاً صوابية التردد احياناً ينقذك من سقطات كثيرة.
مرت سنين حتى اتت تلك الفتاة لتتجرأ هي وتقول احبك. ولكن تبين ان لديها امراضاً نفسية مزمنة.
وحين بدأت مؤخراً كسر هذه الحلقة. اظهار القليل من العاطفة. احاول ولكني اكتشف رعونتي في الخيارات. ايضاً اعيد التأكيد ان التردد فضيلة.
وفي غمرة الفشل والالم، ومن اعماق القيء والدماء، ولكي ننتقم من عبثية العالم. بتنا نضحك لنخبأ آلامنا.
لم يبق لدي الا السخرية هي الصديق الآخر الذي رافقني. لم يكن هناك من ملجأ آخر للهرب من قسوة الحياة. نسهر يومياً ونضحك. نضحك على القرية، على الناس، واخيراً نضحك على بعضنا وكل منا يضحك على نفسه. لا نستنثني احداً.
اثمل واسخر واضحك كي انسى.


                                                             

الجمعة، 7 فبراير 2014

تعلم ال Metal في مقال واحد

الميتال، هذا العالم الغريب لمن لا يعرفه وحيث تكثر الدعايات والاشاعات عنه والاخبار الغريبة. 
مؤخراً تناقشت مع اكثر من شخص من مختلف الاعمار والتوجهات السياسية حول هذه الموسيقى وغرابتها. وكان من الواضح ان الكثيرين لا يعرفون حقائق هذه الموسيقى وخفاياها وهم معرضون كما في كل الامور الاخرى من السياسة الى الثقافة لما يبثه اعلام ال Mainstream او فلنقل الاعلام السائد. 
اذا ما هو الميتال، صحيح انه موسيقى صاخبة عامة. حيث تتكون الفرق بشكل رئيسي من غيتار كهربائي (او اكثر)، غيتار بايس، درامز، و مغني/ة (او اكثر). ويمكن ان يحصل اضافات حسب متطلبات كل فرقة ونوعية الميتال الذي تعزفه. 
فالميتال ليس نوع موسيقي متوائم. صحيح انه تطوير على موسيقى الروك واكثر صخباً منها. مع العلم ان كثيرين ممن يسمعون الروك وفرقه العالمية ك Pink Floyd اوLed Zeppelin  مثلاً لا يستمعون الى الميتال. 
الميتال ليس نوعاً واحداً. فهناك عدة sub-genres او انواع فرعية وهنا يحصل التمييز الذي لا يميزه الكثيرون. فمن Heavy Metal الذي بدأ في السبعينات مع Black Sabbath، تنوع الميتال وبات اليوم يضم آلاف الفرق ان لم نقل عشرات الآلاف . وبات يضم عشرات الانواع الفرعية. فمن ال Thrash Metal ومن اشهر فرقه Metallica و Slayer و Megadeath و Anthrax الى ال Death Metal الذي ارسته فرقة Death  و من اشهر فرقه Sepultura و Carcass و Cannibal Corpse و Morbid Angel و غيرهم الى ال Black Metal وهو النوع الاكثر خطورة اجتماعياً (والذي عادة ما تلصق به عبادة الشيطان) و اشهر فرقه تتركز في البلدان الاسكندينافية الى ال Nu Metal  وهو موجة الفرق التي برزت في الولايات المتحدة في التسعينات وبداية ال 2000 ك Slipknot و Korn و Limp Bizkit و Linkin Park....  ويمكننا ان نعدد الكثير من الانواع الفرعية الاخرى ك Progressive metal  و Gothic Metal و Folk Metal و Doom Metal و  Hardcore و Crust و Punk Rock و Metalcore و Deathcore و Grind .... وداخل كل نوع من هذه الانواع يمكننا ان نميز انواع اخرى اكثر فرعية. 
من داخل هذا التنوع يمكننا ان نميز التنوع في نوعية الكلام فمنه من يغني للحب و للكره ولعبادة الشيطان او حتى المسيح . منهم من يغني في السياسة ومنهم من يحتقر السياسة والسياسيين. منهم من يغني الحزن والالم والانتحار و المازوشية. منهم من يغني للجنس والمخدرات .... فبالتالي الكلام ليس محصوراً بموضوع محدد كما يظن او كما يحصر البوب كلامه في "الحب" فقط. 
من داخل هذا التنوع يمكننا ان نميز فرق تتعاطى السياسة وفرق لا تتعاطاه. وداخل الفرق التي تتعاطى السياسة قلة تنحو مناحي يمينية/ نيو نازية اشهرها فرق ال (National Socialist Black Metal (NSBM ولكن معظم الفرق المسيسة تنحو باتجاه اليسار بشكله العام قلة منها شيوعية والاكثرية انارشية وهنا يمكنن ان نعدد الكثير من الفرق من Rage Against The Machine و Napalm Death  و Arch Enemy و Heaven Shall Burn و Misery Index ..... 


ما التهم التي توجه للميتال عادة. اكثرها شيوعا هي تهمة عبادة الشيطان. ولكن هل يمكن تعميمها على كل من يستمع الى الموسيقى كما حصل في لبنان مثلاً اكثر من مرة؟ طبعاً لا. لأنه كما ذكرنا داخل هذا التنوع اجمالا فقط بعض فرق ال Black Metal هي من تعتتنق عبداة الشيطان بعضها عن قناعة وبعضها نكاية بحضارة الغرب المسيحية (حيث تواجه حضارة الفيكينغ الاسكندينافية الحضارة المسيحية) وقلة اكثر من هذه الفرق هي من تطبق فعلياً هذا الامر (كما حصل في التسعينات في السويد والنروج حيث تم احراق بعض الكنائس). 
صحيح هناك بعض الكلام الذي يحرض على العنف الذي هو جزء من حضارة الغرب الرأسمالية وجزء من طبيعة الانسان. من يعترض على العنف في الاغاني لا يعترض على العنف في افلام هوليوود او على القتل الذي يحصل يومياً في مختلف انحاء العالم باسم الدين او المبادئ السياسية. 
من يعترض على خطورة هذا النوع على العالم العربي، لا يلاحظ مدى تغلغل ثقافة الغرب في كل تفاصيل حياة العرب من المولات الى الطعام الى اصغر التفاصيل. فيما تنحصر ثقافة الميتال في عدد قليل من الشباب العربي حيث عدد الفرق قليل. مع العلم ان بعض هذه الفرق ملاحق في العراق والسعودية والبحرين ويعمل في السر. حتى في لبنان توجد فرقة كتبت اغاني معادية للدين تعمل في السر. 
من يعترض على صخب الموسيقى والصراخ فيها، هو نفسه من يسهر في ارقى ال Night Clubs حيث تبث موسيقى ال Trance و ال Techno وهي اكثر ضجة وفارغة من المعنى. وهو نفسه من يستعد لسماع صوت الطبل يضرب في اذنيه ليل نهار على اغاني علي الديك. 
كخلاصة لست هنا في وارد دعوة احد الى الاستماع الى هذه الموسيقى من عدمه. ولكن على الاقل لمن يود اصدار الاحكام القطعية سوء على هذا النوع من الموسيقى او على اي شيء آخر في الحياة عليه اولأ ان يكون مطلعاً على الموضوع الذي يصدر الحكم عليه.