مر شهر شباط هذا العام مترعاً بالذكريات والأحداث. ذكريات وأحداث
استرجعها في 4 صور ل 4 شخصيات من اليسار اللبناني حفرت في وعيي وفي وعي اللبنانيين
عموماً.
حسين مروة كاتب ومفكر شيوعي لبناني
مر 25 عاماً على اغتياله في 17 شباط 1987 في غرفة نومه في بيروت. هوى حسين كما تقول
كلمات الاغنية في الشارع الوطني. هوى وبدون لف ودوران برصاص قوى ظلامية كان يفترض
ان تكون حليفة في مقاومة اسرائيل ولكن هذه القوى اخافها مشروع حسين مروة. مشروع
مروة كان مشروعاً ضخماً.
كرس عشرة اعوام من حياته للقيام ببحث هائل كلفه به الحزب
الشيوعي وانتج مجلدين بعنوان "النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية". هذا
البحث والتنقيب يبدو انه اخاف هذه القوى الرجعية التي يهمها اظهار جوانب محددة من
التاريخ الاسلامي لتأبيد سيطرتها على الجموع فاختارت حسين كما اختارت رفاق له من
قبله وبعده وعلى رأسهم مهدي عامل وسهيل طويلة وخليل نعوس وميشال واكد في لبنان
تماماً كما اختارت فرج فودة في مصر مثلاً. في لقاء نظمه الحزب الشيوعي اللبناني في
ذكرى الشهيد مروة القت حفيدته رانية كلمة اختتمتها بجملة تلخص سبب اغتيال هذا
المفكر الكبير: "أن يعرف الناس فهذا أمر مقــلق. وأن يكــون الناس مثقــفين فهـو
أمر خطير. أمـا أن يكون الناس أحراراً، فهذا يستدعي.. اغتيالاً ".
جورج ابراهيم عبدالله مناضل شيوعي لبناني . اعتقلته
السلطات الفرنسية عام 1984 بتهمة حيازة اسلحة. كان جورج من مؤسسي "الالوية المسلحة
الثورية اللبنانية" (تمثلاً بالفارك الكولومبية) وكان سابقاً عضواً في الجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين كما انتمى في شبابه للحزب السوري القومي الاجتماعي (الذي لا
يبدي اهتماماً للاسف بقضية هذا المناضل).
مضى 28 عاماً على اعتقال جورج مع انه
كان من المفروض ان لا يتم اعتقاله حسب تصريحات اخيرة لايف بونيه مسؤول الاستخبارات
الفرنسية الذي كان مسؤولاً عن قضية جورج وقتها وكان من المفروض ان يتم اطلاق سراحه
عدة مرات ولكن السلطات الفرنسية ابقته رهن الاعتقال تحت ضغوط سياسية من الولايات
المتحدة ونتيجة اصرار جورج على عدم تخليه عن النضال من اجل القضايا العادلة في
فلسطين ولبنان والعالم.
مؤخراً اثيرت قضية جورج في الاعلام واثارها رئيس الوزراء
اللبناني نجيب ميقاتي اثناء زيارته الى فرنسا. ونتمنى ان تثمر هذه الجهود اطلاقاً
لسراح الاسير.
هذا الاسير والقائد بكل ما للكلمة من معنى والذي في رسائله
المتعددة يعيد تصويب بوصلة اليساريين. اذكر رسالته بعد اغتيال الحريري والتي حلل
فيها من المنظور الماركسي اسباب اغتياله نتيجة الخلاف بين البورجوازيتين الاسدية في
سوريا والحريرية في لبنان واذكر رسالته الاخيرة الى اللقاء التضامني معه حيث جدد
دعمه للثورات العربية الشعبية ضد كل الانظمة وتحذيره من مخاطر الثورات المضادة و
تدخلات الامبريالية.
جوزف سماحة كاتب وصحافي من اعلام
الصحافة في لبنان ومن رموز اليسار. سماحة الذي رحل في 2 آذار 2007 بعد ان اطلق
جريدة الاخبار مع مجموعة من الصحافيين اليساريين والعلمانيين.
كان سماحة بمقاله
اليومي في الجريدة يحدد ايضاً بوصلة التحليل السياسي لليسار في لبنان. وكان يقود
مشروعاً مستمداً من تاريخه كمحرر لصحافة الحركة الوطنية اللبنانية، مشروعاً لدمج
مهام التحرير والتحرر، التحرير من الاحتلال الاسرائيلي والاميركي وتدخلاتهما
العديدة والتحرر من الانظمة القمعية والرجعية ومن ثلاثية السلطة والجنس والدين
المتلازمة.
رحل سماحة في لحظة حرجة بعد ان اطلق الاخبار ولكن الاخبار بعده فقدت
جزءاً كبيراً من رونقها ولم تكن خطوة اقالة خالد صاغية الاخيرة (نتيجة ضغوط
الممانعين بعد انتقاد صاغية لقمع النظام السوري) الا خطوة في سياق مسيرة انحدار
الصحيفة بدءاً من صفحة الشباب المتحررة حتى مقالات ابراهيم الامين الممانعة
والمتهكمة على اليسار.
بعد جوزف لم تعد الاخبار كما كانت ولن
تعود.
شربل نحاس اكاديمي يساري وماركسي. انتقاه العماد
ميشال عون ليكون وزيراً للاتصالات في حكومة سعد الحريري وثم وزيراً للعمل في حكومة
نجيب ميقاتي. ومؤخراً قدم نحاس استقالته من حكومة كيقاتي بعد خلاف حول قانون زيادة
الاجور.
كان شربل خلال مسيرته الوزارية القصيرة في السنتين المنصرمتين مثالاً
للوزير التغييري الحقيقي واستطاع بجملة القوانين التي قدمها والتحسينات التي اطلقها
في الوزارتين ان يقض مضاجع النظام السياسي اللبناني الطبقي- الطائفي.
من وزارة
الاتصالات ومواجهته لامبراطورية عبد المنعم يوسف في اوجيرو الى وزارة العمل واقراره
قوانين تحمي مصالح العمال كما مصالح االاجئين الفلسطينيين والعاملات الاجنبيات الى
مواجهته سعد الحريري الذي هدده حينها بالقضاء عليه وازعاجه لميقاتي وسليمان وصولاً
الى تكتل الهيئات الاقتصادية الرأسمالية وحيتان المال مع الاتحاد العمالي العام
الخائن لمصالح العمال لاجهاض مشروعه.
في كل هذه المعارك اثبت نحاس صلابته
ومبدئيته واثبت صعوبة التغيير من داخل الجسم المترهل لهذا النظام المستمر من 1943.
شربل نحاس يكفيك شرف محاولة اختراق جدران هذا النظام العفن وتكفيك محبة
الناس.
وفي شباط تحل الذكرى السادسة لاطلاق موقع ومنتدى
جمول والذكرى الاولى لانطلاقة هذه المجلة التي تحمل اسم "جبهة المقاومة
الوطنية اللبنانية" وشهدائها و
وسنستمر بما اوتينا في السير على هدى فلسفة حسين
مروة و صمود جورج ابراهيم عبدالله وفكر جوزف سماحة وعناد شربل نحاس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق