احسان المصري mailto:sanmasri@hotmail.com?subject=الحوار%20المتمدن%20-المثقفون%20العرب%20بين%20سارتر%20وكامو&body=Comments%20about%20your%20article%20%20http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=147832 الحوار المتمدن - العدد: 2412 - 2008 / 9 / 22
المثقفون ظاهرة تناولتها اقلام مفكري القرن العشرين العالميين من انطونيو غرامشي حتى تيودور ادورنو ومن ميشيل فوكو الى ريجيس دوبريه ... والمثقفون العرب ظاهرة خاصة اخرى استحوذت على اهتمام نسبة ولو قليلة من مفكرينا العرب من بينهم ادوارد سعيد وجورج طرابيشي وغيرهم ..ولسنا هنا في وارد تعداد هذه الدراسات بل نبتغي تقديم نظرة سريعة عن مواقف المثقفين العرب التي تراوحت بين السارترية والكاموية اذا صح التعبير .قد يتسائل سائل ما السارترية والكاموية و لماذا ؟ لان سارتر وكامو شكلا نموذجين مثاليين مختلفين اختصرا الى حد ما مواقف معظم المثقفين في ايامهم وقد يصح هذا الامر الى ايامنا ايضاً .يقدم رونالد ارونسون في كتابه " سارتر وكامي " ( الصادر بالعربية عن سلسلة عالم المعرفة – ترجمة شوقي جلال ) سيرة ذاتية لكل من المفكرين منفردين ومجتمعين . سارتر فيلسوف الوجودية والروائي والمسرحي و الاستاذ الجامعي .... وكامي الروائي والمسرحي والمفكر والصحافي .... التقى الاثنان قبل الحرب العالمية الثانية وكان صيتهما قد بدأ يذيع في باريس وتعارفا ونشأت بينهما صداقة . وخلال الحرب ساهم كامي مساهمة فعالة عسكرياً وصحافياً عبر مجموعة وصحيفة "combat " التي ترأس تحريرها . ودعا صديقه سارتر الى الكتابة فيها .بعد الحرب اقدم الاثنان مع مجموعة من المفكرين اليساريين على تأسيس " التجمع الثوري " الذي لم يدم له البقاء طويلاً . ثم ما لبثت مواقف الرجلين ان تباعدت مع اتضاح معالم الحرب الباردة . ففيما نحى سارتر القادم من عائلة بورجوازية نحو الحزب الشيوعي الفرنسي ( خصمه القديم ) . ابتعد كامي الذي كان عضواً في فرع هذا الحزب في الجزائر عنه معلناً رفضه الستالينية وما نتج عنها من فظائع وتبادل الصديقان السابقان المقالات والمقالات المضادة وقد استمر الخلاف بينهما حتى وفاة كامو المبكرة عام 1960 .وقد تابع سارتر مواقفه بتأييده الثورة الجزائرية ونقده العنيف للسلطات الفرنسية وكتب مقدمة كتاب " المعذبون في الارض " لفرانتز فانون . ووقف الى جانب الثورة الكوبية الوليدة كما كان له دور بارز في احداث ايار 1968 . اما كامي فقد كان له جملة مواقف معاكسة فهو كان محايداً تجاه العنف الفرنسي في الجزائر من خلال خلفيته كمستوطن فرنسي سابق في هذا البلد .ووقف ضد التدخل السوفياتي في المجر عام 1956 ومن ومواقفه المثيرة دعوته في احدى رسائله الى دعم ما سماه بالديمقراطية الاسرائيلية ضد ديكتاتورية جمال عبد الناصر والتخلف العربي .وفيما رفض سارتر جائزة نوبل كموقف مبدئي قبلها كامو وقد صب في كتابه " l’homme revolte" جام غضبه على الظاهرات الكليانية كالفاشية والشيوعية ....بعيداً عن سارتر وكامو وعلاقة الود والخصام بينهما وعودة الى المثقفين العرب . حتى عام 1967 كان المثقفون العرب عامة يتبنون موقف شبه واحد من القضايا المطروحة عليهم وعلى رأسها الصراع العربي – الاسرائيلي وحركات التحررالوطني وان اتسمت آراء البعض بالمزايدات بين الناصريين والبعثيين والشيوعيين و الاسلاميين الى ان كانت النكسة وما تلاها من احداث على الساحة العربية من ايلول الاسود الى كامب ديفيد الى الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 مروراً بحرب تشرين والحرب الاهلية اللبنانية والحرب العراقية الايرانية شكلت هذه الاحداث منعطفات بارزة لدى المثقفين العرب . وكانت طلائع النقد قد بدأت تظهر مع النكسة في قصائد نزار قباني و عبد الوهاب البياتي ... وروايات صنع الله ابراهيم وغالب هلسة ...ولنأخذ على سبيل المثال الموقف من كامب ديفيد ففيما وافق عليها الروائي يوسف السباعي الذي قتل عام 1978 نتيجة لتأييده لها . كان لنجيب محفوظ موقف متحفظ منها . فيما انتقدها امل دنقل مقتبساً المتنبي :
المثقفون ظاهرة تناولتها اقلام مفكري القرن العشرين العالميين من انطونيو غرامشي حتى تيودور ادورنو ومن ميشيل فوكو الى ريجيس دوبريه ... والمثقفون العرب ظاهرة خاصة اخرى استحوذت على اهتمام نسبة ولو قليلة من مفكرينا العرب من بينهم ادوارد سعيد وجورج طرابيشي وغيرهم ..ولسنا هنا في وارد تعداد هذه الدراسات بل نبتغي تقديم نظرة سريعة عن مواقف المثقفين العرب التي تراوحت بين السارترية والكاموية اذا صح التعبير .قد يتسائل سائل ما السارترية والكاموية و لماذا ؟ لان سارتر وكامو شكلا نموذجين مثاليين مختلفين اختصرا الى حد ما مواقف معظم المثقفين في ايامهم وقد يصح هذا الامر الى ايامنا ايضاً .يقدم رونالد ارونسون في كتابه " سارتر وكامي " ( الصادر بالعربية عن سلسلة عالم المعرفة – ترجمة شوقي جلال ) سيرة ذاتية لكل من المفكرين منفردين ومجتمعين . سارتر فيلسوف الوجودية والروائي والمسرحي و الاستاذ الجامعي .... وكامي الروائي والمسرحي والمفكر والصحافي .... التقى الاثنان قبل الحرب العالمية الثانية وكان صيتهما قد بدأ يذيع في باريس وتعارفا ونشأت بينهما صداقة . وخلال الحرب ساهم كامي مساهمة فعالة عسكرياً وصحافياً عبر مجموعة وصحيفة "combat " التي ترأس تحريرها . ودعا صديقه سارتر الى الكتابة فيها .بعد الحرب اقدم الاثنان مع مجموعة من المفكرين اليساريين على تأسيس " التجمع الثوري " الذي لم يدم له البقاء طويلاً . ثم ما لبثت مواقف الرجلين ان تباعدت مع اتضاح معالم الحرب الباردة . ففيما نحى سارتر القادم من عائلة بورجوازية نحو الحزب الشيوعي الفرنسي ( خصمه القديم ) . ابتعد كامي الذي كان عضواً في فرع هذا الحزب في الجزائر عنه معلناً رفضه الستالينية وما نتج عنها من فظائع وتبادل الصديقان السابقان المقالات والمقالات المضادة وقد استمر الخلاف بينهما حتى وفاة كامو المبكرة عام 1960 .وقد تابع سارتر مواقفه بتأييده الثورة الجزائرية ونقده العنيف للسلطات الفرنسية وكتب مقدمة كتاب " المعذبون في الارض " لفرانتز فانون . ووقف الى جانب الثورة الكوبية الوليدة كما كان له دور بارز في احداث ايار 1968 . اما كامي فقد كان له جملة مواقف معاكسة فهو كان محايداً تجاه العنف الفرنسي في الجزائر من خلال خلفيته كمستوطن فرنسي سابق في هذا البلد .ووقف ضد التدخل السوفياتي في المجر عام 1956 ومن ومواقفه المثيرة دعوته في احدى رسائله الى دعم ما سماه بالديمقراطية الاسرائيلية ضد ديكتاتورية جمال عبد الناصر والتخلف العربي .وفيما رفض سارتر جائزة نوبل كموقف مبدئي قبلها كامو وقد صب في كتابه " l’homme revolte" جام غضبه على الظاهرات الكليانية كالفاشية والشيوعية ....بعيداً عن سارتر وكامو وعلاقة الود والخصام بينهما وعودة الى المثقفين العرب . حتى عام 1967 كان المثقفون العرب عامة يتبنون موقف شبه واحد من القضايا المطروحة عليهم وعلى رأسها الصراع العربي – الاسرائيلي وحركات التحررالوطني وان اتسمت آراء البعض بالمزايدات بين الناصريين والبعثيين والشيوعيين و الاسلاميين الى ان كانت النكسة وما تلاها من احداث على الساحة العربية من ايلول الاسود الى كامب ديفيد الى الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 مروراً بحرب تشرين والحرب الاهلية اللبنانية والحرب العراقية الايرانية شكلت هذه الاحداث منعطفات بارزة لدى المثقفين العرب . وكانت طلائع النقد قد بدأت تظهر مع النكسة في قصائد نزار قباني و عبد الوهاب البياتي ... وروايات صنع الله ابراهيم وغالب هلسة ...ولنأخذ على سبيل المثال الموقف من كامب ديفيد ففيما وافق عليها الروائي يوسف السباعي الذي قتل عام 1978 نتيجة لتأييده لها . كان لنجيب محفوظ موقف متحفظ منها . فيما انتقدها امل دنقل مقتبساً المتنبي :
عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى ام لارض فيك تهويد
مالت نواطير مصر عن عرو بتها طوعاً فلا عود ولا عيد
وقد كان لانهيار الاتحاد السوفياتي وحرب الخليج واتفاقية اوسلو وغيرها من الاحداث .. ادواراً فاصلة في تحول الكثيرمن المثقفين العرب من مواقفهم اليسارية والقومية السابقة . ففيما اتجه البعض نحو الليبرالية التحق آخرون بمد الاسلام الحركي المتصاعد وبقيت مجموعات على ولائاتها السابقة . تكفينا نظرة سريعة اليوم على جملة احداث انقسم بينها المثقفون العرب بين السارترية والكاموية او بين الفاشية والامبريالية ومنها : الاستشراق – الاحداث اللبنانية – فلسطين – غزو العراق .1- الاستشراق : قلما تجد كتاباً اثار ما اثار من عواصف فكرية في الصحف والمجلات العالمية والكتب المختلفة غربياً وعربياً . فعلى الصعيد العربي نرى ان مهدي عامل المفكر الشيوعي اللبناني انتقد في كتابه " هل القلب للشرق والعقل للغرب " ( الصادر عن دار الفارابي ) سعيد معتبراً ان ماركس كان محقاً في كلامه عن استعجال الثورة في الهند ولم يكن منطلقاً من خلفيات استشراقية . كما رفض عامل مقولة كيم كبلنغ " الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا " . اما الباحثة السورية رنا قباني فقد كانت من اشد المدافعين عن نظرية سعيد فيما نقد الليبرالي ( اليساري سابقاً ) حازم صاغية في كتابه " ثقافات الخمينية " (الصادر عن دار الساقي ) نظرية الاستشراق معتقداً انها تثير الاحقاد ضد الغرب ومتهجماً على التحالف اليساري – القومي - الاسلامي .2- الاحداث اللبنانية : اثار انقسام الشارع اللبناني تاريخياً اختلافات بين مثقفيه ففيما كانت خطوط التماس عند بداية الحرب الاهلية يسارية – يمينية ما فتئت تتحول مع تقدم الحرب الى خطوط طائفية ثم الى داخل هذه الطوائف انفسها وقد ساهم الاحتلال الاسرائيلي والوجود السوري في اذكاء هذه الخلافات التي ازدادت تعمقاً بعد عام 2005 فبينما وقف قسم من المثقفين في صفوف 14 آذار ضد الهيمنة السورية على لبنان وايديولوجية حزب الله الدينية التزم آخرون موقفاً قريباً من 8 آذار وداعماً للمقاومة ورافضاً العدوان الاسرائيلي – الاميركي.3- فلسطين : رفض معظم المثقفين الفلسطينيين والعرب اتفاقية اوسلو معتبرين انها تفرط بالحقوق التاريخية . وكان ادوارد سعيد قد قدم نقداً لاذعاً لها في كتابه "peace & its discontents " كذلك رفضها الشاعر الراحل محمود درويش ... فيما كانت قلة من الليبراليين العرب قد وافقت عليها . وتجذر الخلاف حول فلسطين بعد الازمة التي نشبت بين حركتي فتح وحماس ولا زال هذا الصراع الجانبي يستجر العديد من الآراء المتضادة في الصحف والرأي العام العربي .4- غزو العراق : كان للمثقفين العراقيين المنفيين ككنعان مكية وليبراليون بل وحتى شيوعيون سابقون دور داعم للغزو الاميركي للعراق بهدف اطاحة الديكتاتورية الصدامية بينما اعتبره المعسكر المضاد غزواً امبريالياً يهدف للسيطرة على ثروات العراق وتقسيمه وتنصيب نظم عميلة وتوسيع الحرب الاهلية . مرة اخرى ذات الصراع يتجسد. هذا غيض من فيض من الاحداث التي يتصارع عليها مثقفونا بين مواقفهم الرافضة للفاشية والمهادنة للامبريالية الى حين او الرافضة للامبريالية والمهادنة للفاشية ولو مؤقتاً . يقول ادوارد سعيد في كتابه " representations of the intellectual " ( الصادر بالعربية عن دار رؤية بعنوان " المثقف والسلطة " ترجمة د. محمد عناني ) " انه من الممكن بسهولة بل ومن المستحب على اسس فكرية و سياسية ان نرفض الفاشية والامبريالية معاً " . اظن ان سعيد قد اخذ الخيار الاكثر صعوبة والاكثر صواباً لكنه الاكثر يوتوبية . وهنا ينبغي على المثقفين العرب الاتعاظ من هذا الموقف الرافض للفاشية والامبريالية معاً اي الجامع بين السارترية والكاموية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق