بعد ثلاثين عاماً،
تأكدت كما يقول الرفيق سارتر،
ان الآخرون هم الجحيم،
لذا لا زلت اعيش وحيداً
واعتقد،
في حال بقائي ثلاثين اخرى،
وهو ما لا أتمناه،
على هذه الارض الموحشة، المقرفة،
اعتقد اني سأظل وحيداً.
بعد ثلاثين عاماً،
تصبح الكآبة رفيقاً وفياً،
وتنضم الى رفوف من الكتب الاصدقاء،
وآلات موسيقية صديقة.
بعد ثلاثين عاماً،
لا اطمح في ان اصبح اينشتاين،
ولكني اكيد اني أتفوق على الكثيرين
في حل معادلات شرودينغر،
مع ان هذا لا يهم أحداً.
بعد ثلاثين عاماً،
لا اطمح ان أعزف في قصر الاوبرا
بل في غرفتي بهدوء،
ولا اطمح في اصدار ديوان شعر
ودعوة المتزلفين لأوقع لهم،
بل في نشر قصائد تافهة على مدونة تافهة،
حين استشيط غضباً،
كي لا تعتمل في داخلي الامراض العصبية.
بعد ثلاثين عاماً،
لا زلت جباناً،
اهرب الى الأمام من كل ما يزعجني،
ولكن لا ضير،
المهم ان أنام هنيئاً.
بعد ثلاثين عاماً
تأكدت ان لا أمحض ثقتي
الا لمن يستحقها
اي لا احد تقريباً
بعد ثلاثين عاماً،
لا أطمح في الزواج،
وخاصة بحفل زواج شرقي صاخب،
بكفيني ما راكمت من عقد نفسية،
جذرتها في تلك البلاد الهرمة،
لست بحاجة الى فتاة شرقية،
ليزيد التعقيد تعقيداً.
لا لست ذكورياً،
ولا اكره النساء تحديداً،
انا اكره الجنس البشري بأكمله،
مع بعض الاستثناءات
لذا أستمع الى موسيقى الميتال.
كمانيفستو كراهية.
بعد ثلاثين عاما،
لا أدعي بطولات وهمية.
أعمل ثم أنام وهكذا دواليك،
واعشق كثيرا الموسيقى،
وعلم النفس،
وروايات ساراماغو،
وشعر الماغوط،
وما بينهم اقرأ جريدتي اليومية.
بعد ثلاثين عاما،
بت أكره الكثيرين والكثيرات،
أكره البغايا حين يتعففن،
أكره الجميلات المخادعات واطردهن من خيالاتي،
أكره المنافقين والانتهازيين،
واكره الاصدقاء حين ينسون،
اكره السمجين والمدعين،
واكره المتعلقين بالحياة.
بعد ثلاثين عاما.
وقد ازداد يقيني من عبثية الحياة،
ازددت كفراً.
بعد ثلاثين عاماً،
ازداد جذرية وهدوءاً في نفس الوقت
ازداد تناقضاً ديالكتيكياً
بعد ثلاثين عاماً ،
نادراً ما احببت،
ونادراً ما كنت سعيداً،
لكن لا بأس
لن يعجب هذا انسان وخاصة امرأة،
ولكن بعد ثلاثين عاماً،
من يكترث.
خاصة اني لم اعرض يوماً بضاعة للبيع،
فأنا اكره الراسمالية.
لذا لا زلت شيوعياً.
لذلك أمشي في شوارع مدينتي،
وأضحك ساخراً من كمية الحماقة الطاغية،
كأي مناضل بلشفي حسب الرفيق لينين،
يميزه السخرية والصبر.
بعد ثلاثين عاماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق