حين قمنا بنشر صورة لعلياء المهدي على هذه المدونة كفعل تضامني يدعم حرية الرأي والتعبير لم اكن اتوقع ردة الفعل هذه. عادة ما كنا نقوم بافعال تضامنية في خالات اخرى كثيرة تضامناً مع قضايا او اشخاص او مؤسسات وتمتد هذه الحالات من القضية الفلسطينية الى مواضيع الحريات الشخصية والعامة. فعلى هذه المدونة نشرنا تضامناً مع الثورات التونسية والمصرية و السورية وغيرها منذ بداياتها ونشرنا تضامناً مع الاسرى احمد سعدات وجورج عبدالله ومنتظر الزيدي والاسرى الكوبيين وغيرهم ونشرنا تضامناً مع حملة مقاطعة اسرائيل ونشرنا تضامناً مع المخرجة نهلة الشهال والمخرجة ناديا الفاني والفنان خالد الهبر ونشرنا رفضاً للتصرفات الرجعية في قرى جنوب لبنان من تدنيس اضرحة الشهداء الشيوعيين حتى منع الكحول ونشرنا تضامناً مع العمال الاجانب في لبنان ضد العنصرية ونشرنا تضامناً مع مدونين وناشطين مثل وليد الحسيني وفرح قبيسي وغيرهم. لكن هذه المرة كان الوضع مختلفاً.
لا بد لي ان اعترف بداية ان هذه المدونة ليست جماهيرية بمعنى ان عدد زوارها ليس كبيراً وهم في الغالب مجموعة من الاصدقاء او المهتمين الباحثين عن موضوع محدد قد يلقونه في ثنايا هذه المدونة. ومن الاحصائيات وبكل تواضع اعترف ان اكثر تدوينة تمت قرائتها حوالي ٣٠٠٠ مرة وكانت حول فلسطين منذ حوالي اربعة اشهر.لكن هذه المرة كان الوضع مختلفاً.
فبعد وم واحد من نشر صورة علياء زار المدونة ١٣٠٠٠ شخص جلهم من مصر والسعودية وجلهم عبر البحث عن اسم علياء عبر "غوغل" وتهافتت التعليقات المنددة والساحطة والشاتمة والتي قمت بنشر بعضها اولاً ثم ارتايت حذفها وعدم نشر المزيد منها بعد ارتفاع منسوب الشتائم. ساقوم بما يلي بتحليل هذه الظاهرة وتفنيد بعض التعليقات.
اولاً ان يرتفع عدد الزوار بشكل كبير وهو لا يعتبر كبيراً مقارنة بما تشهده مدونة علياء . فعلى مدونتها "مذكرات ثائرة" بلغ عدد الزاور اكثر من مليون لحد الآن .اذن اكتبوا ما شئتم في السياسة والثقافة والادب واكتبوا عن فلسطين والثورات العربية فلا يعنينا الامر اما صورة فتاة عارية فهي مقصد رئيسي للجمهور العربي.
ثانياً ان هذا الجمهور بمعظمه من مصر والسعودية اي من البلدين حيث يشهد التيار السلفي الاسلامي وشهد تاريخياً نهضة وتمايزاً. وحيث يفترض ان يتجهوا الى امور تخص الدين ولا تشجع على الفسق والانحلال . ولكن ما العمل . ففوق الطاولة ايمان وتقوى وذقون وتحت الطاولة احصاءات تفضح. تخيلوا ان صناعة البورنوغرافيا والافلام الجنسية هي ثاني اكير تجارة في العالم وتخيلوا ان اكبر مستهلكي هذه التجارة هم في البلدان العربية وتحديداً في السعودية.
ثالثاً يأتي هذه الجمهور ليشتم علياء ويصفها بالعاهرة و"الشرموطة" والفاجرة والكلبة والحقيرة والسافلة وعديمة الاخلاق والوسخة واتباع علياء بالقاذورات و الزيالة والقمامة والشياطين والمنحطين والاوساخ والانجاس والخنازير والسفهاء. اذا كانت عاهرة فلم تبحث عن صورها عبر الانترنت ايها المؤمن وصاحب الاخلاق الحسنة. الا يفترض ان تكون في هذه اللحظات ملته بالصلاة والتعبد لخالقك ام انك ملته بالبحث عن الفسق والفجور والانحلال. رايتم هذه العاهرة ولم تروا ملايين الرقاصات والفنانات اللواتي يملان شاشاتكم. رايتم هذه العاهرة وتغاضيتم عن العاهرات اللواتي يملأن الطرقات وما يسمى بالمواخير واللواتي تستقدمونهم من بلدان العرب والعالم ليمتنعكم . رأيتم هذه العاهرة ولم تروا رجالاً ونساءً من الخليج وغير الخليج يهربون من المطاوعة الى لبنان ومصر والمغرب واوروبا ليعهروا هناك براحتهم و يصرفون اموالهم على العاهرات والعاهرين (اموالهم التي كان من المفترض ان تصب في سبيل تحرير فلسطين). رأيتم هذه العاهرة وحركت احاسيسكم ومشاعركم كما لم تحركها صور الاطفال الشهداء في غزة وجنوب لبنان والعراق وكما لم تحركها صور الشهداء في ميادين الثورات العربية. رايتم هذه العاهرة ولم تروا المجلس العسكري يعهر بحق فتيات الثورة ويختبر عذريتهن.
خامساً يأتي من يصف هذه المدونة بالماسونية واليهودية وهم الدين. اقول لهؤلاء حين تدافع عن فلسطين بمثل دفاعي عنها تعال وحاسبني. اما ان تنصرف الى افلام البورنو وتبحث عن صور الفتيات العاريات وتاتي لتتهم ف"دا بعدك". اما بخصوص موقفنا من الدين نحن ضد الرجعية الدينية اينما كانت وهذه ليست تهمة.
سادساً لبعض الاصدقاء في مصر والعالم العربي ممن يظن ان ظهور الصورة قد يؤثر في نتائج الانتخابات المصرية فاستطيع ان اجزم ان تأثيرها سيكون محدوداً . التيار الاسلامي يتيمتع بقوة قبل الصورة وبعدها . قد يستغلها . نعم. كما يستغل اي شيء للدعاية لنفسه. ولكن القضية اكبر من موضوع انتخابات . قضية حرية المرأة بوجه الخنوع والاستغلال الذي يفرضه السلفيون عليها. وهذا ما فعلته علياء.
سابعاً تاتي بعض التعليقات الكوميدية التي تتعلق بجمال جسد علياء من عدمه. القضية ليست في جمال جسدها او ثديها او فرجها او ما شئتم. والا لكنا اتينا لكم بباميلا اندرسون.
ثامناً قال احدهم انه اذا كانت الحريات فلا تفرضوها علينا. طبعاً لن تفرض على احد والا لما كانت تسمى حريات. وقال آخر ان الحرية والتقدم ليست تساوي الفجر والابتذال والعري اقول ما فعلته علياء ليس فجراً وابتذالاً صحيح ان الحرية لا تساوي الفجر ولكن الحرية تعني ان اكون حر بان اكون فاجر او لا اكون(بغض النظر عن مفهوم الفجر). و لا بد للوصول الى الحرية والتقدم من التخلي عن النقاب والحجاب وتحرير المرأة (برأيي على الاقل). امابخصوص اننا "سبنا كل علوم الغرب واخدنا قلة الادب" فنحن لم "نسيب" كل علوم الغرب بل نستفيد منها ومن يواجهها هو التيارات االاسلامية التي تحن الى عصر الجاهلية الاول. على الرغم من انها تستخدم هذه العلوم لمصلحة الدعاية لها.وقال آخر ان "اذهبوا عنا بحريتكم المزعومة واتركوا لنا ديننا وحيائنا" نحن نترك لكم ما شئتم ولكن انتم من تاتون الى حريتنا وتتركون دينكم وحيائكم.
تاسعاً احدهم قال انها ليست مصرية و تشوه صورة مصر وآخر ان مصر دولة لها عادات وتقاليد وآخر ان مصر "بتضيع يا وديع" اقول لهم مصر ستبقى صورتها ناصعة بفضل ثوارها وعلياء لم تشوه هذه الصورة بل زادتها بياضاً ومصر "بتضيع يا وديع" في ايدي الاسلاميين والعسكر فقط.
عاشراً قال بعضهم ان الحيوانات تواري عورتها. اقول ان الجسد الانساني ليس عورة وجسد المراة تحديداً. العورات هي في الكذب والنفاق وفعل الشيئ في السر وعكسه في العلن. هذه احدى عوراتكم الكثيرة.
حادي عشر هناك نقاش فكري حول مفهوم الحرية وحول العلاقة بين التحرر الجنسي والطبقي وايهما اولوية مما لايتسع المجال لنقاشه هنا.
باختصار اقول ان لعلياء المهدي مجدداً كل التحية والاحترام على خطوتها. علياء العارية عرت مجتمع النفاق. وجعلت هذا المجتمع المتهم والذي انفضحت عوراته يهجم ليحاكمها.
وكل العرب الاحرار سيتضامنوا معها بوجده دعوى اقامة الحد وغيرها من الحملات.