بلاسيبو: لا أهلاً ولا سهلاً بكم في لبنان!
في 5 حزيران 2010 (ويا للمصادفة الغريبة!)، قدّمتْ فرقة بلاسيبو البريطانيّة لموسيقى الروك عرضاً موسيقياً في تل أبيب، وتحديداً على أراضي معرض تل أبيب. وبحسب صحيفة الجيروزالم بوست فقد حضر المهرجان 7000 مشاهد. ويوم الأربعاء، 9 حزيران الجاري، من المقرَّر أن تعزف الفرقة في لبنان، وذلك في فوروم بيروت. فما هو اعتراضُنا على هذه الزيارة، كلبنانيين وفلسطينيين، بل (والأهمّ) كأناسٍ يرفضون التمييزَ العنصريّ والاحتلالَ والظلم؟
1) هناك فرق أوروبيّة وأميركيّة متزايدة ترفض أن تقيم حفلاتها أو تلغي هذه الحفلات في الكيان الصهيونيّ رفضاً لجرائمه ضدّ الشعب الفلسطينيّ. ففي الشهور القليلة الماضية ألغى كلٌّ من كارلوس سانتانا وألفيس كوستللو (من بين آخرين) حفلاتهما هناك احتجاجاً على السياسات الإسرائيليّة. وفي الأسبوع الماضي ألغت فرقتان موسيقيتان، هما غوريلاز وكلاكسونز، عروضهما استنكاراً للمجزرة الإسرائيليّة الأخيرة على أسطول الحريّة. ومثلهما فعلتْ فرقة بيكسيز (التي كان من المقرّر أن تقدّم عرضها في 9 حزيران). هذا، وكانت مجزرةُ أسطول الحريّة قد دفعت بالعديد من النقّابات العمّاليّة والأكاديميّة، فضلا عن مئات المثقفين والأكاديميين والكتّاب، إلى مقاطعة الكيان الصهيونيّ أو المطالبة بذلك: فنقابات عمّال الميناء السويديين قرّرتْ منعَ تحميل أو أفراغ حمولة أيّ سفينة إسرائيليّة ترسو في موانئ السويد بين 15 و24 حزيران. وطالبت الكاتبة الأميركيّة الشهيرة أليس ووكر بتبنّي حملة "مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها" (بي. دي. أس) بوصف ذلك العمل واجباً أخلاقياً. ومثلها فعل الكاتبُ السويديّ الشهير هنينغ مانكل (الذي كان على أسطول الحريّة)، والكاتب البريطانيّ المرموق إيان بانكس.
من الواضح أنّ بلاسيبو تعتبر المجازرَ وأعمالَ الظلم غيرَ ذاتِ صلةٍ بعرضها الموسيقيّ! وهذا ما لا نؤمن به، نحن أنصار مقاطعة "إسرائيل" في لبنان، بل نقول إنّ كلّ فرقة موسيقيّة (أو غير موسيقية) لا تكترث بالتمييز العنصريّ والاحتلال والظلم هي بالضرورة متواطئة في التغطية على الظلم، ومن ثم فهي غيرُ مرحّب بها في لبنان.
2) إنّ جرائم إسرائيل لم تبدأ في 31 أيّار 2010 حين هاجمتْ دولة الكيان الغاصب أسطولاً يحمل المساعدات الإنسانيّة، فقتلت 9 أشخاص وجرحتْ 43 آخرين وخطفتْ مئات المدنيين وسرقتْ مساعداتٍ تقدّر بملايين الدولارات. بل إنّ جرائم إسرائيل ضدّ الفلسطينيين واللبنانيين والعرب عامّةً بدأتْ، كما نعلم، قبل عقود متتالية. ولقد سبق للمجتمع المدنيّ الفلسطينيّ عام 2005 أن دعا إلى مقاطعة الكيان الصهيونيّ، واعتبر كلَّ من يرفض ذلك متواطئاً مع الاحتلال والأبارتهايد، وساعياً إلى "تبييض" صفحة الجرائم الإسرائيليّة. لذا يرفض الموقّعون أن يَعتبروا دولة إسرائيل العنصريّة الصهيونيّة المحتلّة كياناً "طبيعياً وعادياً" في المنطقة، ويرفضون أن يكون من الأمور "الطبيعيّة"ً أن تقوم فرقةٌ ما بـ "جولة طبيعيّة" في "الشرق الأوسط". ولمّا كان عرضُ بلاسيبو مع الكيان الغاصب قد تقرّرتْ إقامتُه قبل عرضها في لبنان (على ما يبيِّن موقعُها الإلكترونيّ فضلا عن الصحف)، فإنه كان ينبغي على منظّمي عرضها في بيروت ألاّ يدعوها إلى لبنان أصلاً، لا أن يتباهى السيد جهاد المرّ، رئيسُ الجهة المنظّمة، بأنّ أعضاء الفرقة يجلسون إلى جانبه في السيّارة (السفير، 7/6/2010). ولكنْ حتى لو كان عرضُ بلاسيبو أو أيّة فرقةٍ أخرى قد تقرّر أن يُعرض في "إسرائيل" بعد عرضه في لبنان، فقد كان لزاماً على منظّمي عرضها في لبنان أن يلغوه، كما تفعل المؤسّساتُ والمهرجاناتُ الثقافيّة الفلسطينيّة التي تطالبنا جميعاً بذلك. على الفِرق الموسيقيّة أن تختار: إمّا أن تعزفَ في لبنان، وإما أن تعزف في دولة الكيان الغاصب، لا في البلدين معاً. وعلى المنظّمين في لبنان أن يدركوا ذلك هم أيضاً. إنّ التعامل مع هذه المسألة وكانها أمرٌ "عاديّ" أو "طبيعيّ" إنما هو انتهاكٌ صارخٌ لقانون المقاطعة في لبنان.
لفرقة بلاسيبو، ولفوروم بيروت، نقول بالفم الملآن: لا تطبيع مع الأبارتهايد، لا تطبيع مع الاحتلال، لا تطبيع مع الجرائم!
ولفرقة بلاسيبو، ولفوروم بيروت، نقول جهاراً نهاراً: الأمر ليس "موسيقى فقط". إنّ التعامل مع الانتهاكات وكانها أمرٌ طبيعيّ هو قبولٌ بها، وتواطؤٌ معها، تماماً كما كان الأمر في زمن الأبارتهايد في جنوب أفريقيا. أما نحن فنرفضها ونشجبها، مثلما فعل ويفعل مئاتُ الموسيقين والنقابيين والأكاديميين والرياضيين والعلماء في كافة أرجاء العالم.
أخيرا، إذا كان من بيننا من لا يزال يشكّك في تواطؤ بلاسيبو مع المجرمين الصهاينة، فليستمعْ إلى تعليق برايان مولكو، المغنّي الأساسيّ في الفرقة، على ملاحظة وجّهها إليه صحافيّ إسرائيليّ (راجع:
http://www.guardian.co.uk/music/2010/jun/07/pixies-cancel-israel-gig(
. فقد قال الصحافيّ قبيل العرض في تل أبيب: "من المهمّ دعمُ إسرائيل هذه الأيّام"، فقال مولكو مازحاً (...): "أفترض ذلك... إذا قرّرتَ أن تركبَ البحر!"
"It's important to [endorse] Israel these days," an Israeli journalist remarked in a pre-concert interview with Placebo. "I suppose so," joked frontman Brian Molko, with an awkward laugh, "You know, if you decide to go sailing."
وذلك مزاحٌ أقلُّ ما يقال فيها إنه حقيرٌ ويستهتر بأرواح الضحايا الذين سقطوا في المياه الدوليّة في أسطول الحريّة.
الموقّعون:
مجلة الآداب، حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان، الحملة اللبنانيّة لمقاطعة الصهيونيّة، حملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (لبنان)، مركز حقوق اللاجئين – عائدون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق