-1-
كانت الساعة تؤشر الى الثامنة مساءاً ، في يوم من ايام آب 2006 . كان علي لا يزال موجوداً في خندقه على الرغم من انتهاء الحرب . يفتح المذياع ليستمع لموجز الاخبار . ثم يشعل سيجارة ليمجها مع فنجان الشاي الذي حضره للتو ، يتذكر زينب ، ها قد مضى اكثر من شهر ولم يرها . ولكنه سيراها حينما يخرج ، هو سيحظى بهذه الفرصة على الاقل ، على عكس صديقه احمد الذي استشهد قبل اسبوعين تاركاً وراءه زوجته واولاده الثلاثة . يكفكف الدموع التي انهمرت على خده المغبرة . يتذكر احمد ويستلقي ليستمع الى اجزاء من السيرة الحسينية تبثها الاذاعة.
-2-
طه ، كان عائداً من عمله في ورشة النجارة ، ابن الخمسة عشر ربيعاً ، يدخل بيته المكون من غرفتين وحمام ، يتكوم في داخله سبعة من اخوته واخواته فضلاً عن ابويه وجدته . يأكل بسرعة صحناً من البرغل ، ثم يتوجه الى المسجد المجاور لبيته في التبانة ، الحي الطرابلسي الفقير . انه يعمل منذ سنتين لقاء اجر زهيد ليعود ويتكدس في تلك الكومة من القذارة التي يسمونها بيتاً . كاد ان يصل به الامر الى الكفر لولا هداه الله الى ذلك الشيخ السلفي الذي يعظهم يومياً في مسجد الحي .
-3-
يرن هاتف كارول : " آلو "
- " آلو حياتي "
- " كيفك "
- " ماشي الحال "
- "اين السهرة اليوم "
- "مونو او الكسليك "
- "تعا ومنشوف "
تغلق السماعة .
-4-
كان شوقي ذلك الرجل الخمسيني ، عائداً من الحقل بعد ان ملاً دلواً من العنب الاسود . يضعه عند مدخل البيت . يخرج الى الشرفة ليقابل اخيه يوسف . يسلمان على بعضهما .
- لدينا عمل في البقاع غداً .
- والطريق آمنة .
- آمنة ، الحرب انتهت .
- والاسرائيليين ؟
- الاسرائيليين لا يستهدفون اياً كان .
- وما ادراك ؟
- خلص ، اتكل على الله .
-5-
الساعة كانت تقترب من الخامسة فجراً .
علي ، كان ينتظر سيارة لتقله باكراً الى الضاحية .
طه كان يستعد لصلاة الفجر ، قبل ان يكدح الى عمله .
شوقي كان يدير محرك شاحنته ...
كارول كانت عائدة ثملة من تلك الحفلة الطويلة .....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق