يحوم الطيف،
مظلمة قاعة السينما ينيرها فيلم عن شباب كارل
ماركس، عن وضعه المادي الصعب وعن عبقريته وعن رفقة العمر مع أنجلس. فيلم بعد أكثر
من 170 عاما على كتابة البيان الشيوعي:
"شبحٌ ينتاب أوروبا: شبح الشيوعية. ضد
هذا الشبح اتحدت في حلف مقدس قوى أوروبا القديمة كلها : البابا و القيصر، مترنيخ و
غيزو، الراديكاليون الفرنسيون و البوليس الألماني."
والتاريخ سيعيد نفسه.
ويحوم الطيف،
مئة عام على الثورة البلشفية المنتصرة وكتاب
لينين "ما العمل" بنسخة الكترونية اقرأه في الباص المؤدي الى العمل
الروتيني الممل كأي عصامي لم ينل منه التعب ويركض وراء لقمة عيش ومستقبل باهت
مكبلاً بأغلال الرأسمالية وأتعلم دروساً لا يزال يكررها التاريخ ضد الانتهازيين
والتحريفيين من كل حدب وصوب.
ويحوم الطيف،
مهرجان الشبيبة العالمي في روسيا. قبله بأربع
أعوام كنا في الاكوادور محاطين بيسار العالم أجمع و أميركا اللاتينية تحديداً
ورافايل كوريا يخطب تحت الشتاء الغزير. هذه السنة في روسيا بعد عقدين ونيف على
انهيار الاتحاد السوفياتي. لن أكون هناك ولكن الآلاف سيكونون ليحافظون على الشعلة
متقدة.
ويحوم الطيف،
عينا تلك الرفيقة الضاحكتين دوما والمحاولات
العاطفية القاصرة هنا وهناك والرهبة منها. طالما أنه ليس بمقدورنا توفير سعر
"جينز" سيدتي ثم يقولون لك في الاتحاد السوفياتي كانوا يحلمون
ب"جينز". ونحن ايضا يا سادة نحلم . كل الفقراء يحلمون بغد أفضل وأعدل.
ويحوم الطيف،
ذكريات الاجتماعات والمظاهرات والصخب الذي لا
بد أن يثمر يوماً ما. وآخر الذكريات عند نصب فرج الله الحلو.
من ثم أولئك الكشافة المتحلقين حول النار في
صيف صليما يشع الأمل في عيونهم يرددون "على طريق عيتات" ثم كيف غنت
القاعة معنا في ذكرى الجبهة:
"نحنا شلنا جمول يمي جوا الضلوعي
ولما نادى الوطن يمي لبى الشيوعي"
صور شهداء الجبهة والحزب و كلمات لولا الأخيرة
. اواه ما أجبننا أمام أعينهم
ويحوم الطيف،
حساب اليوتيوب حين يظهر المطرقة والمنجل على
أغاني نيسان والطريق أو وجه مهدي ضاحكاً. حتى أغاني الميتال لذلك النروجي المجنون
الذي يقول أنه شيوعي لأنه معجب بستالين وبول وبوت وهما أقل سوءا بكثير مما تصورهما
البروباغندا الأميركية والغربية في كتبها وأفلامها التافهة حتى النخاع.
ويحوم الطيف،
و يتناثر رذاذ خفيف على زجاج غرفة نائية في
أقصى الغرب الفرنسي وتحت النافذة مقتطفات من كتاب غرامشي "دفاتر السجن"
على المنضدة. وفي مسرح قريب فرقة سورية تعزف "يا فجر لما تطل" فتصلنا
أمواج الحنين لأقارب وأصدقاء منهم من رحل ومنهم من يبقى. وتصلها بموشحات وقدود
وموجة تصفيق. يعتريني الفخر بلغة شوهها الأوباش. وعلي يوميا أن أحافظ عليها بوجه
الكثير من العنصريين الفاشيين. وان احاربهم ولو بموسيقاي كهاو من مجموعة هواة من
حضارات مختلفة ندحض صفائهم العرقي.
ويحوم الطيف،
خمسين عاماً على استشهاد تشي غيفارا يوم قال
الوطن او الموت. سيعود الوطن فوق رايات الفاشية التكفيرية السوداء الآفلة حتماً و
سوريا المثخنة بالجراح على أعتاب كأس العالم. لم تتأهل لكنها استحقت شرف المحاولة.
ويحوم الطيف، سيظل يحوم .....